بتاريخ: الاثنين 07 أكتوبر 2013 الساعة 08:09 صباحاً
إن كُنتَ في بئرٍ تحت الأرض أو بكهفٍ فوقها ، فلن تضيق بلاد الله على الشهداء الأحياء ، ولن تضيق السماء بدعائنا وابتهالاتنا بأن يحجز لك ولمن شاطرك الألم مكاناً بها !
الحق أني لا أعرف بماذا أخبرك بالضبط ، لكن لتعلم أني لم أرى أصلب من الفولاذ ، إلا تلك المرأة التي تلملم كل صباحٍ جراحاتها ، وتفتح شُرفتها لتتنفس الياسمينة المغروسة في فؤادها . أشهد أني لم ولن أقابل كمثلها أم ! أتدري كيف عجنت بدمعها أوجاع سبعة عشراً عاماً ولم تشتكي ، كيف رممت بداخلها ما كسرته الأيام الطوال ، واللحظات التي لن اكتبها ، لأنه لا يعملها إلاها أحد ! هي وطنٌ بحجم الشمس ، وعطاءٌ كــ كونٍ لا ينتهي ، هي الإخلاص ،والوفاء ، والعهد ، والوعد ، والشهامة ، والقوة ، والمجد ، والأمل ، وهي ايضاً الإنكسار الذي لا يأتي إلا بأخر الليل ، بسجدِ شكرٍ ودمعةِ دعاءٍ أن يُعيدك أو يحفظكَ أو يصطفيكَ الرب ! زوجتك تلك جوهرة لم يستطيع أن يقدر ثمنها أحد ..
ثم ... أتدري كيف كَــبِر الصِبية فجأة ، كيف أصبح معاذ شاباً وسيماً بهذه السرعة !! وكيف سارت الأيام على أريج لتصبح فتاة فاتنة ، نعم إنها فاتنة الخُلق والأدب والجمال ، وكذلك ولاء ، تلك الأميرة التي تتجلى على عرش الوعي الذي تجاوز حدود العمر والسنين القليلة، أما رهام ، الرقيقة المرهفة فهي ملاك تنطق عيناه بالبراءة ، وعبد المجيد ، طفلُ بقلب رجل . خمستهم رائعون ، جميلون ، مبهرون !
يا سيد البندقية .. في كل ليلة ينام القمر مبكراً ، وعلى عَجل يستيقظُ الحنين في قلوب العائلة المنتظرة ، فهناك من يَبكي ، وهناك من يَتمنى ، وهناك من يَحلم ، ولكن جميعهم الباكي والحالم والمتمني يدعون لك ، وجميعنا ( أي ) .. نحن المحبون لأهل الجهاد ، التواقين لنرى رجالاً اصطفاهم الله بيننا ، المشتاقون لعزٍ أو نصرٍ أو تمكين جميعنا ندعو أن يثبتكَ الله ، وألا يجزيكَ عن جهادكَ إلا شهادة مقبل فيها غير مدبر بعد أن يجمع شملكم ، ويشفي صدوركم ، ويريح أفئدتكم ، ثم أن يكون اجتماعكم الثاني بالجنة ، بشفاعة ينالوها بفضلك .
ملاحظة :: منير عبد المجيد الحروب ، مطارد من قبل قوات الاحتلال منذ العام 2002 ، وقبل ذلك أمضى حياته متنقلاً ما بين سجون الاحتلال وسجون السلطة .